إحقوق الطفل
د. أحمد عبدالقادر المهندس
الطفل هو رجل الغد ورمز المستقبل، ولذلك فإنه يستحق منا الكثير من الاهتمام، فحقوق الطفل هي أول شيء يخطر على أفكار المشرعين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وينص إعلان حقوق الطفل الذي صدر في العام 1959على "أن الطفل، بسبب عدم النضج البدني والعقلي يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية تناسبه، قبل الولادة وبعدها". وتنص اتفاقية حقوق الطفل التي صدرت بإجماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 1989م على ما يلي: "ينبغي إعداد الطفل إعداداً كاملاً، ليحيا حياة فردية في المجتمع وتربيته بروح المثل العليا المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة".
وهذا يعني أن على جميع المجتمعات أن تعنى بتنشئة أطفالها تنشئة صالحة، وأن تهتم بالأطفال لأنهم رصيد المجتمع ورمز المستقبل. ففي حضانة الأطفال ينشأ الحكام والمسؤولون والموظفون ورجال الأعمال والموهوبون الذين يقدمون عصارة جهودهم من أجل رفعة المجتمع وتقدمه. وتتطلب هذه التنشئة الاهتمام بالجوانب التربوية والنفسية والاجتماعية والدينية والعلمية والسياسية... إلخ.
وقد اهتم الإسلام بذلك في كثير من المواضع، ومن ذلك حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه العسكري وابن البخاري عن عبدالله بن عمر: "ما ورث والد ولده أفضل من أدب" ومعناه ما أعطى والد ولده أفضل من تعليمه الأدب الحسن، وتأديبه على فعل الحسن وتجنب القبيح في كل أفعاله.
ويواجه الطفل العربي كثيراً من التحديات مثل ظاهرة تشغيل الأطفال في سن مبكرة، والتسرب من المدارس، والتعرض لظاهرة العنف والإساءة في المعاملة والاستغلال سواء من الأهل أو من المجتمع. وتزداد معاناة الطفل عندما يكون مصاباً بإعاقة عقلية أو بدنية. وقد يكون الطفل العربي ضحية لسياسة غير صائبة نتيجة لتجاهل البعد الاجتماعي وإعادة الهيكلة الاقتصادية والاجتماعية.
ويدفع الطفل العربي ثمناً باهظاً في حالات الحروب والنزاعات المسلحة مثل معاناة الطفل العراقي والطفل الفلسطيني والطفل اللبناني.
ومن أجل الدفاع عن حقوق الطفل لا بد من إنشاء وحدات ومراكز للتدريب والتأهيل في مجال الإعلام للتوعية بحقوق الطفل ووضع البرامج التربوية الملائمة للأطفال، وتوعية وتثقيف المعلمين وأولياء الأمور بدورهم في تربية أبنائهم.
فالطفل العربي لا يزال في بعض المناطق يعاني من الأمية ونقص التغذية والعمل في سن مبكرة والاستغلال. وتعالج اتفاقيات العمل الدولية مسائل الحد الأدنى لسن العمل، حيث يتوجب على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تقرر هذا الحد طبقاً للظروف الاجتماعية والاقتصادية الوطنية، وفي جميع الأحوال لا يكون هذا الحد دون سن استكمال مرحلة التعليم الالزامي ( 15عاماً) كما تحظر الاتفاقية رقم 183تشغيل الأطفال في صور بعينها من الأعمال مثل العمل الذي يؤديه بعض الأطفال استضعافاً مثل الرق والتشغيل لأغراض الدعارة والأنشطة غير المشروعة أو الضارة بالصحة والسلامة البدنية والسلوك الأخلاقي، وطبقاً لهذه الاتفاقية فإن الطفل هو كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر.
إن جهود وسائل الإعلام في إعداد المواد الإعلامية الموجهة للأطفال ينبغي أن تنبع من قيمنا وتراثنا الإسلامي، ولا بد من إسهام جميع الجهات في المجتمع سواء كانت مؤسسات تعليمية أو أكاديمية أو مؤسسات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني بالإضافة إلى المثقفين ورجال الفكر من أجل أن تكون صياغة هذه الحقوق حصيلة للجهود النابعة من مجتمعنا والتي تجعل الطفل أكثر انتماء لدينه ووطنه ومجتمعه.
وينبغي أن تستند هذه الجهود الإعلامية والثقافية إلى وثائق وإعلانات الأمم المتحدة واتفاقيات منظمة العمل الدولية وغيرها من الجهات التي تعنى بحقوق الإنسان.
ولا بد من الاهتمام المتميز بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والذين يعانون من التفرقة والتباين في المعاملة.
ولعل من الإنجازات الجيدة في موضوع التوعية والدفاع عن حقوق الطفل هو إنشاء المجلس العربي للطفولة والتنمية، ومن أبرز فعاليات هذا المجلس دعم وتفعيل الجهات العربية المعنية بالطفولة سواء كانت حكومية أو أهلية.
إن تفعيل حقوق الطفل العربي هو تفعيل لحقوق الإنسان العربي، وهي حقوق تجعل الطفل العربي ينمو بشكل طبيعي ليقوم بواجباته ومسؤولياته بشكل أكثر إنسانية وأكثر فاعلية لمستقبله ومستقبل دينه وأمته ووطنه والإنسانية جمعاء..
والله ولي التوفيق،،،